أحمد عيدان محمد
الجامعة المستنصرية/ كلية الآداب/ قسم المعلومات والمكتبات
إن الهدف الأساسي الذي أوجدت من اجله الفهرسة والفهارس بأشكالها
المختلفة هو اتاحة إمكانية وصول المستفيدين الى مصادر المكتبة أو مركز المعلومات بسرعة
وسهولة، فقد وضع المكتبيين قواعدومعايير محكمة لتحقيق هذا السبيل منذ بداية ظهور مصادر المعلومات الى الوجود، فلو أمعنا النظر سنجد تاريخ هذه القواعد يرجع الى عصر الرقم الطينية ولفائف البردي، ثم تطورت هذه القواعد في العصور اللاحقة فظهرت القواعد الخاصة بمكتبات معينة، وتلتها قواعد ومعايير أخرى تتصف بالقياسية أو العالمية كقواعد الفهرسة الأنكلو أمريكية AACR ومعيار مارك MARC وصولاً الى قواعد وصف المصادر واتاحتها RDA ( وهما موضوع جدالنا) إذ مكنت هذه القواعد وصف مصادر المعلومات بالشكل المحكم والدقيق والمفصل كما يقال.
معيار مارك وقواعد وصف المصادر واتاحتها.
يمثل معيار مارك قالب أو إطار تُصَب داخله البيانات
الببليوغرافية لمصادر المعلومات، وتتكون الهيكلية العامة لهذا المعيار من عشرة
أقسام ابتداءً من حقول الضبط (0xx) وانتهاءً الى الحقول المحلية
(9xx) وكل قسم من هذه الأقسام يشتمل
على مجموعة من الوسوم أو (التيجان-Tags) كما يسميها
أغلب المكتبيين، فعلى سبيل المثال القسم الخاص بالمداخل الرئيسة (1xx) يشتمل على مجموعة من الوسوم منها الوسم (100) الخاص بالمدخل الرئيسي لاسم المؤلف، وكل وسم من هذه الوسوم يشتمل
على مؤشر أو مؤشرين (Indicators) وكل مؤشر
يشتمل على عدداً من الحالات، وتأتي بعد ذلك الحقول الفرعية (Sub field) إذ يشتمل هذا الوسم (100) على (19) حقلاً فرعياً، وعلى هذه الشاكلة بقية الأقسام لهذا المعيار. (لك أن تتصور عدد الوسوم في كل قسم والتي بدورها تتكون من
مؤشرات ثم لكل وسم عدداً من الحقول الفرعية، انها تتجاوز الألف!!)، الآن
يأتي دور قواعد الفهرسة التي تحكم طريقة صياغة وتنظيم البيانات الببليوغرافية داخل
كل حقل من حقول معيار مارك، قبل حوالي عقد كانت كل المكتبات ومراكز المعلومات
بمختلف الدول تتبع قواعد الفهرسة الأنكلو أمريكية بطبعتها الثانية (AACR2) ثم تحولت
تدريجياً الى تطبيق قواعد وصف المصادر واتاحتها (RDA) تحدد هذه
القواعد طريقة معينة يتوجب اتباعها بشكل دقيق ومحدد ومراعاة المسافات وعلامات
الترقيم المختلفة في كل حقل من حقول مارك بعددها الكبير الذي تكلمنا عنه في أعلاه،
الآن أصبح على المكتبي أن تكون لديه المعرفة الجيدة بكل وسوم مارك ومؤشراتها
والحقول الفرعية داخل كل وسم منها ومتى نستخدم هذا الوسم ولا نستخدم ذاك، وبعد ذلك
سيتوجب عليه (أي المكتبي) أن تكون لديه المعرفة الجيدة بقواعد وصف المصادر
واتاحتها المختلفة حتى يكون قادراً على اعداد التسجيلات الصحيحة لمصادر المعلومات،
فبدون المعرفة الجيدة بهذا المعيار وتلك القواعد ستكون التسجيلات التي يعدها غير
صحيحة، ولا جدوى من عمل غير صحيح.
والاسئلة التي نريد أن نطرحها الآن هي:
ما الفائدة من هذا العدد الهائل من الحقول في معيار
مارك؟
وما فائدة القواعد المختلفة والعديدة لكل حقل من الحقول لإعداد
التسجيلات الببليوغرافية لمصادر المعلومات؟
هذا لكل من المكتبي والمستفيد طبعاً.
لو أمعنا النظر جيداً سنرى كثيراً من التكرار في حقول معيار مارك إذ تكَرر نفس
البيانات في أكثر من حقل بوسوم أو حقول مختلفة وبصيغ تختلف اختصاراً او تفصيلاً
بمعنى واحد.
فما معنى أن نكتب في الوسم 100 0# $4 au ثم نكتب بعد ذلك 100 0# $e تأليف
وهناك الكثير الكثير من الحالات المتكررة والتي لا تعود بفائدة لا للمكتبي
ولا للمستفيد، إذ إن العدد الكبير لحقول معيار مارك لا يوفر الوصف الدقيق والمفصل لمصادر
المعلومات لأننا حتى لو قمنا بملئها كافة فلن يظهر لدينا عند البحث الا القليل من البيانات
عن المصدر، أما البقية الأخرى فستبقى للمكتبيين أنفسهم، ولنأخذ بعض الأمثلة أو الأدلة
عند البحث في فهارس مكتبات معينة.
لنبحث عن كلمة اقتصاد (Economy) مثلاً في فهرس مكتبة الكونغرس الامريكية ونعرض احدى
التسجيلات من نتائج البحث، ستكون النتيجة عند عرض التسجيلة كالشكل الآتي:
ان نتيجة البحث تعرض البيانات البؤرية عن الكتاب أو المصدر وهي التي
يحتاجها المستفيد فعلاً، ولنبحث عن نفس الكلمة في الفهرس العربي الموحد ثم نعرض
تسجيلة معينة، ستكون النتيجة كما في الشكل الآتي:
والآن لنبحث عن نفس الكلمة في فهرس احدى المكتبات المحلية وليكن فهرس العتبة
العباسية المقدسة، ستكون النتيجة كما في الشكل الآتي:
لاحظنا البيانات التي يتم عرضها عند البحث عن مصدر معين في فهارس مكتبات
تعتمد على معيار مارك في وصف مصادرها، وعلى الرغم من العدد الهائل من الحقول في
هذا المعيار فلا يتم عرض الا قليل من البيانات عن كل مصدر.
وهناك الكثير من الرموز والاختصارات والقواعد التي يتم اتبعها عند اعداد
التسجيلات لمصادر المعلومات (كالفارزة والفارزة المنقوطة
والشارحة والخط المائل والفراغات بين الحقول والاشارات والحقول التي تصف حالة التسجيلة
وغيرها)، لا أحد يفهم هذه الأمور غير المكتبيين ولا أحد يستفيد منها
اطلاقاً، إذاً فإن المكتبيين يعملون لأنفسهم.
أما بالنسبة للمستفيدين فلا تعنيهم هذه القواعد والمعايير،
فكل ما يعنيهم ويهمهم هو الحصول على المصدر، وجل ما يعرفونه ويهتمون به عن المصدر بغاية
الوصول اليه هو (اسم المؤلف والعنوان وبيانات النشر والموضوع والطبعة) هذه البيانات
تكفي بشكل جيد لتمييز المصدر عن بقية المصادر الأخرى من قبل المستفيد ربما اكثر او
أقل بقليل، ولاتهم المستفيد علامات الترقيم سواء وضعنا بعد اسم المؤلف نقطة يتبعها
فراغ، أو لم نضع لا يغير شيء لديه، وسواء كتبنا (ط2 أو الطبعة الثانية) لن يسبب الارباك
للمستفيد، فمن المؤكد أن الذي يبحث عن كتاب معين ويرى من بين البيانات الاختصار (ط3)
سيعرف بالبديهة ان معنى هذا الاختصار هو الطبعة الثالثة للكتاب وليس الطابور الثالث
ولا الطابق الثالث ولا حتى الطابوقة الثالثة.😦😦😦
ومن المعروف بأن الحصول على قواعد وصف المصادر واتاحتها يكون بالاشتراك
بمبالغ معينة، ربما الامر له علاقة بالمال والأرباح.
والذي يساعد على جعل تطبيق هذه المعايير او تلك دون سواها هو الأنظمة
المكتبية، فهي أنظمة أحادية المعيار، أي لا تدعم الا معيار واحد مما يجبر المكتبة
على تطبيق قواعد ومعايير معينة دون سواها، وربما لو كانت هذه الأنظمة متعددة
المعايير لساعدت المكتبات على اختيار المعيار الذي يساعدها ويلبي، لذلك فمن
الضروري أن يعمل القائمون على تطوير الأنظمة المكتبية على جعلها أنظمة متعددة
المعايير لا أحادية، على سبيل المثال تدعم معيار مارك ومعيار دبلن كور في آن واحد
كي يتاح للمكتبي أن يختار المعيار الذي يناسبه، مع توفير إمكانية تراسل التسجيلات
بين الأنظمة المختلفة ولكلا المعيارين.
_______________
_______________
*
السفسطة مصطلح يوناني يعني الفلسفة، وكانت سائدة
قبل ضهور الفلسفة التي نعرفها في الوقت الحالي والتي تعني الحكمة.
المصادر
_______________
_______________
فعلا استاذ قواعد الفهرسة عبئ على الطالب والمكتبي ...وهي مجموعة اراء شخصية واجتهادات ان المستفيد لايحتاج سوى اسم المؤلف او عنوان المصدر او رؤوس الموضوعات الدالة فلا حاجة له بالمؤشر والنقطة والقلب...الخ ..تحياتي
ردحذفشكرا جزيلا استاذ على متابعتك
ردحذف